أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن النموذج الديمقراطي الذي نسعى إليه جميعا يعبر عن إرادة سياسية ومصلحة وطنية، بما يعزز الهوية الجامعة ومسيرة التنمية والتحديث التي تليق بمستقبل الأردن والأردنيين. وأوضح جلالة الملك، خلال اجتماعه في الديوان الملكي الهاشمي اليوم الأحد مع رئيس وأعضاء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية لتسلم تقريرها في ختام أعمالها، أن هذه المنظومة تشكل مرحلة جديدة ومفصلية ضمن مسارات تحديث الدولة في مطلع مئويتها الثانية، والتي تمضي بشكل متوازٍ مع الإصلاحات الاقتصادية والإدارية التي تعمل الحكومة على تنفيذها. ويتضمن تقرير اللجنة، التي عهد جلالته برئاستها إلى سمير الرفاعي في حزيران الماضي، وتمثل مختلف الأطياف السياسية والفكرية والقطاعات، مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، ومقترحات بتعديلات دستورية متصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، إضافة إلى توصيات متعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة. وقال جلالة الملك إن هذه المنظومة ستكون ركنا مهما يسهم بإحداث تطور ملموس في الأداء النيابي، القائم على العمل الحزبي البرامجي، والانتقال من العمل الفردي إلى العمل الجماعي المؤثر، مؤكداً ضرورة وجود برنامج عمل تنفيذي ومتابعة حثيثة للجوانب التشريعية والتنظيمية على مختلف المستويات. وحثّ جلالته على تعزيز الثقافة السياسية وترسيخها في المجتمع لتطوير الحياة الحزبية، مبيناً أهمية أن تعمل الأحزاب والقوى السياسية في المرحلة المقبلة على تطوير أدواتها، مما يمكنها من إقناع المواطنين ببرامجها، لتعبر عن تطلعاتهم في مجلس النواب. وبيّن جلالة الملك أهمية أن يكون دور الشباب والمرأة في مقدمة عملية التحديث، وتمكينهما سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وأشار جلالته إلى الحاجة لتنمية المواطنة الفاعلة التي أساسها الحقوق والواجبات، مؤكداً أهمية تطوير آليات تضمن مشاركة جميع فئات المجتمع في الشؤون العامة، لضمان مشاركة فاعلة ومنتجة في الحياة السياسية وتطوير آليات المساءلة الشعبية العقلانية والرشيدة. وفيما يتعلق بالإدارة المحلية، قال جلالة الملك إن النموذج المنشود يجب أن يضمن تفويض الصلاحيات من المركز إلى المحافظات، بما يحقق عدالة توزيع المكتسبات والتنمية المحلية الشاملة والمستدامة، ويعزز المشاركة الشعبية. وأكد جلالته أن نتائج منظومة التحديث ستسير بحسب المقتضى الدستوري، بحيث تتبناها الحكومة وتتعامل معها بكل حياد وإيجابية وترسلها إلى مجلس الأمة. وجدد جلالة الملك التأكيد على أن عملية التحديث والتطوير متواصلة ومستمرة بحيث تخضع للتقييم والمراجعة، لتعزيز عناصر القوة فيها وتفادي المعيقات التي قد تظهر عند التطبيق. وأعرب جلالته عن شكره وتقديره لجهود اللجنة وحرصها على إنجاز هذه المهمة الوطنية. يشار إلى أن اللجنة، بتسليمها مخرجاتها اليوم، تكون قد قدمت نتائج أعمالها، التزاما بالموعد الزمني المحدد في الرسالة الملكية. بدوره، قال رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي بمناسبة تسليم التقرير، إن نتائج عمل اللجنة وتوصياتها تمثلت بحزمة من الوثائق، وهي: مسودتا مشروعي قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية الجديدين، والتعديلات الدستورية المقترحة، المرتبطة بمسودتي مشروعي القانونين، وبآليات العمل النيابي، والتوصيات الخاصة بتطوير منظومة تشريعات الإدارة المحلية، والتوصيات المتعلقة بتمكين المرأة وتمكين الشباب، بالإضافة إلى تقديم مقترحات بسياسات وخطوات تفضي إلى تطوير النموذج الديمقراطي. وأشار الرفاعي إلى إن تشكيل اللجنة بناء على إرادة جلالة الملك، لم يأتِ في ظروف طوارئ محلية، أو بفعل ضغوط خارجية؛ بل لإصرار جلالته الدائم على إنجاز الأفضل لشعبه. وأوضح أن عمل اللجنة، جاء استكمالا لجهود وطنية لتطوير الحياة السياسية، لافتا إلى أن اللجنة طورت منهجية عملها، بالاستناد إلى مجموعة من المبادئ والمعايير، التي استمدتها من الرسالة الملكية السامية، ومن الرؤية الوطنية المشتركة لأعضائها، وأبرز هذه المبادئ: الاسترشاد بالأوراق النقاشية الملكية السبع. ونوه إلى أن منهجية عمل اللجنة استندت أيضا إلى مفهوم التوافق، وشكلت تمرينا ديمقراطيا وطنيا بامتياز، في القدرة على إدارة التعددية والاختلافات، والوصول إلى التوافقات، في سبيل تحديث النموذج الديمقراطي الأردني، وانطلقت من أن التدرج ضمانة حقيقية لنجاح هذا النموذج، ووصوله إلى مرحلة النضوج، بخطوات ثابتة وهادئة، تتجاوز التحديات، وتعظم المكاسب. وأوضح الرفاعي أن اللجنة التزمت بما توصلت إليه، بتعزيز قيم المواطنة، حقوقا وواجبات، وتعزيز الحريات المكفولة بالتشريعات، والالتزام بمبدأ سيادة القانون، وأشار إلى أنها حرصت على إعلاء قيم العدالة وتوفير أقصى الضمانات للنزاهة والشفافية، في ما طرحته من تشريعات مقترحة وتوصيات، ليشكل ذلك فرصة كبيرة لتطوير العمل الحزبي البرامجي، والحياة البرلمانية القائمة على الكتل والتيارات البرامجية، وتمكين الشباب والمرأة. واعتبر أن الدور الأساس والأكبر بعد إقرار النتائج والتوصيات يعود للمجتمع بجميع مكوناته، لينهض الجميع وتنخرط الأحزاب والقوى السياسية في ورشة تحديث وإصلاح داخلية، لتنتج برامج عملية قابلة للتطبيق، وتطور أفكارها وآليات عملها، بما يستقطب أبناء الوطن وبناته. وحضر الاجتماع، رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، ورئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، ورئيس مجلس النواب عبدالمنعم العودات، ورئيس المجلس القضائي محمد الغزو، ورئيس المحكمة الدستورية هشام التل، ورئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب الدكتور خالد الكلالدة، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي، ومدير مكتب جلالة الملك، الدكتور جعفر حسان.